مقالات سياسي

ماذا وراء بناء جدار مصري على حدود غزة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

وضعت مصر مزيدا من الأسلاك الشائكة على السياج الحدودي لمنع الفلسطينيين من العبور في ظل حالة الحصار الذي يفرضها جيش كيان يهود على قطاع غزة، وأظهرت صور نشرتها مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان – منظمة حقوقية مستقلة – تعزيز السياج الخرساني الفاصل بين مصر وقطاع غزة بالأسلاك الشائكة، وجاء تعزيز الجدار الخرساني، مع انتشار خيام النازحين الفلسطينيين بمحاذاة السياج الحدودي. (القدس العربي)

إن النظام المصري شريك لكيان يهود في جرائمه تجاه أهلنا في الأرض المباركة، وهذا ما يؤكده واقع النظام الذي يحاصر أهل غزة ولا يسمح بعبور الجرحى والمصابين إلا برشاوى ضخمة، ويتلكأ في إدخال المساعدات ومواد الإغاثة إليهم متذرعاً بكيان يهود الذي ألقى باللائمة على النظام المصري أمام المحكمة الدولية مؤكدا أن النظام المصري هو وحده المسؤول عن معبر رفح، وها هو بايدن يكشف أن الرئيس المصري لم يرد في البداية فتح معبر رفح لدخول المساعدات إلى قطاع غزة، لكنه تحدث معه وأقنعه بفتحه، وسارع النظام المصري عبر أبواقه إلى التأكيد على فتح المعبر من اليوم الأول واتهام بايدن بالخرف والزهايمر.

إن ما يؤكده الواقع لا تنفيه التصريحات؛ فسيناء كلها منطقة معزولة عن مصر منذ سنوات بدعوى الحرب على الإرهاب المزعوم، وغزة محاصرة من النظام المصري حتى قبل الأحداث الدامية التي تعيشها الآن، والنظام صنع أسوارا من الفراغ قبل الأسوار الحقيقية التي شيد ويشيد ليفصل قطاع غزة عن العالم، فالنظام هو الذي هدم الأنفاق التي كانت شريان حياة للقطاع وجعل كل ما يدخل ويخرج من القطاع فقط بمعرفته حتى ما يتم تهريبه يكون بمعرفته وليس خافيا عنه، زيادة على ذلك فإن عبور سيناء من وإلى قطاع غزة أمر محفوف بالمخاطر لمن لا يمر بتصريح من النظام فهو عرضة للقصف بدعوى أنه ضمن خلية إرهابية وﻻ دية له حينئذ، فما يقوم به النظام المصري من بناء سور إسمنتي جديد أو تعزيز للسياج الحدودي هو أمر يكرس كون النظام جزءاً من المجتمع الدولي الداعم لكيان يهود في حربه والمشارك له في جرمه والمؤيد لتدمير أرضنا المباركة وهلاك أهلها عليها.

إننا لا نتعجب من هذا الموقف من النظام المصري فهذا هو الموقف الطبيعي لنظام يخنق أهلنا في الأرض المباركة ويدعم كيان يهود بكل أنواع الدعم، حتى فيما يدعيه من وساطة فإنها لصالح كيان يهود وللمحافظة على استقراره أمام الشعب الغاضب الذي يشعر بالقهر أمام ما يحدث لأهل غزة الأسرى، إن العجيب حقا هنا هو موقف المخلصين في جيش الكنانة وهم كثر، أمام ما يحدث تحت سمعهم وبصرهم وهم في صمت كالقبور وكأن ما يحدث لبلد آخر ليس فيها مقدسات للأمة وليس فيها مسرى رسول الله ﷺ وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين! وكأن تلك الدماء التي تسيل ليست دماء طاهرة زكية لمسلمين، حرمتها أعظم عند الله من حرمة الكعبة!

يا أجناد الكنانة: إن مجرد وجود حد فاصل بين مصر وفلسطين هو جريمة في حقكم، فكيف إذا تم تعزيزه ببناء جديد؟! وكيف إذا هجر أهل المناطق الحدودية ليسهل على النظام ويهود رقابتها كما تم في سيناء؟! والله إنها لجريمة عظيمة ستحاسبون عليها أمام الله عز وجل؛ لصمتكم على فاعليها وعدم أخذكم على يديه وقعودكم عن الواجب الحقيقي الذي أوجب الله عليكم وهو تحرير كامل فلسطين واقتلاع كيان يهود وكل من يحميه وكل من يحول بينكم وبين اقتلاعه من جذوره ويمنعكم من نصرة أهلنا في الأرض المباركة إذ يستغيثونكم ليل نهار، يستحثون نخوتكم ومروءتكم، ألا تدركون أنكم بذلك جند من جند فرعون الهالكين، وأنكم من أعوانه المحاسبين على باطله أمام الله جل وعلا؟! فأين أنتم من قول رسول الله ﷺ: «مَنْ أَعَانَ ظَالِماً بِبَاطِلٍ ليدْحَضَ بِبَاطِلِهِ حَقّاً فَقَدْ بَرِئَ مِنْ ذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ»؟! وأي باطل أعظم من وجود كيان يهود واغتصابه أرض الإسلام واستباحته لدماء المسلمين المعصومة؟! ووالله لن ينفعكم الحكام وﻻ رتبهم وﻻ مميزاتهم التي عليكم يغدقون، بل إنهم سيكونون أسرع للبراءة منكم أمام الله عز وجل، فبادروا أنتم للبراءة منهم وإبراء ذمتكم أمام الله بالانقلاب عليهم واقتلاعهم ونصرة أهلنا في الأرض المباركة نصرة حقيقية يرى الله فيها منكم ما يحب ويرضى لتستعيدوا بها خيريتكم على الحقيقة وتكونوا حقا درعا لهذه الأمة وحماة لها.

يا أجناد الكنانة، يا خير أجناد: إن الخيرية التي وُسمتم بها ليست تشريفا وإنما حملٌ لأمانة الإسلام، أمانة رسول الله ﷺ، أي تكونون درعا للأمة حماة لها ولمقدساتها، فإن لم تفعلوا وانتهكت حرمات الأمة ودنست مقدساتها فلا خير فيكم ولا شرف لكم، فأروا الله منكم ما يحب وأروه أنكم أهل لهذه الخيرية بحملكم راية رسول الله ﷺ بحقها ونصرة المستضعفين كما نصر، تحريرا لأرض الإسلام التي يغتصبها يهود ونصرا لأهل الأرض المباركة الذين تنتهك حرماتهم. واعلموا أن واجبكم هو إزالة كل ما من شأنه أن يمنعكم من القيام بما أوجب الله عليكم من باب أن “ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب”، فأزيلوا هذا النظام الذي يلصق العار بكم ويشارك ويحمي عدو الله وعدوكم، وأقيموها لله دولة تجيش الجيوش من أجل الحق ونصرة أهله؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة. ألا فلتغضبوا يا أجناد الكنانة وليكن غضبكم آية تحق الحق بكلمات الله وتقطع دابر المجرمين.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾

بقلم: الأستاذ سعيد فضل
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في مصر