بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
عقد الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان مؤتمرا صحفيا، الأربعاء، خلال زيارة الأخير إلى القاهرة بعد نحو 12 عاما من القطيعة بين البلدين. (سكاي نيوز عربية 2024/2/14م)
التعليق:
في زيارة هي الأولى من نوعها بعد 12 عاماً من القطيعة المعلنة عادت العلاقات الحميمية بين رئيسي مصر وتركيا إلى العلن، حيث لم تكن هناك قطيعة فعلية رغم التراشق المتبادل بين الرئيسين وإعلام البلدين، فهذا التراشق وقتها كان يخدم السيد الذي يعملان لصالحه ويهيئ الأجواء لكي يحتوي أردوغان الإخوان المسلمين الفارين من بطش النظام المصري ليرتموا في أحضانه كونه يظهر العداء للنظام المصري ورأسه ويمنحهم مساحة للتنفيس عن الغضب المعتمل في نفوسهم تجاه هذا النظام، وكان ذلك العداء يمكن أردوغان من التعامل مع ملفات لا يتمكن النظام المصري من حلها في كل ما من شأنه خدمة ورعاية مصالح أمريكا وما يمكنها من بسط واستقرار نفوذها وتنفيذ مشاريعها في المنطقة، وهذا التقارب الذي يمهَّد له منذ زمن تقتضيه الآن مصالح أمريكا للعمل على ملفات تخدم تلك المصالح، وقد أشار الرئيسان إلى تلك الملفات بعينها في المؤتمر الصحفي المنعقد بينهما؛ فمن غزة وسعي أمريكا لتصفية قضية فلسطين من خلالها بمشروعها حل الدولتين، إلى محاولة تبييض وجهي العميلين ببعض المساعدات ونقل بعض الجرحى والمصابين وما في ذلك من مساومات لتخفيض سقف مطالب المجاهدين في غزة للقبول بالصفقة الأمريكية، والحديث عن إعادة الإعمار ودخول الشركات التركية مجالها فيما بعد الحرب والحصول على جزء من الكعكة، وكأن سادتهم قد استقروا على إنهاء الحرب وتصفية القضية! ثم الوضع في ليبيا والعمل على بسط واستقرار نفوذ أمريكا هناك على حساب بريطانيا، إلى السودان والصومال وكل ما من شأنه خدمة مصالح أمريكا التي تعمل الآن على إعطاء دور أكبر لأردوغان في المنطقة ليحتوي من لهم نفس إسلامي فيها بثياب الثعالب التي يرتديها، وﻻ ننسى الشأن الاقتصادي والأزمة الطاحنة التي تعيشها مصر وتهدد وجود النظام، وحاجة النظام لاحتواء الناس، وربما يكون هذا التقارب مقدمة لمصالحة مع الإخوان المسلمين هناك، ربما ليعود البعض ويتم من خلالهم احتواء أي حراك شعبي محتمل حال انفجار الشارع المتوقع بين لحظة وأخرى…
خلاصة القول هنا كما سبق وقلنا وكررنا أنه لم يكن هناك عداء حقيقي بين السيسي وأردوغان وأنه لو اقتضت مصالح أمريكا فسيلتقيان ويتعانقان وهو ما حدث بالفعل الآن بعد أن تعرى النظامان أمام طوفان غزة وما يحدث لأهلها وموقفهما المخزي من أهلنا في الأرض المباركة من شراكة فعلية لكيان يهود ودعمه في حربه، ومن حصار وتآمر على أهلنا في فلسطين وجرهم جرا لتسوية تريدها أمريكا، والتشدق بالمساعدات المرسلة التي لا تسمن وﻻ تغني من جوع وﻻ تحمي أهل غزة من قصف وقتل يهود لهم وﻻ تمكنهم من الصبر على أذاهم وهم يموتون جوعاً تحت حصار إخوتهم قبل قصف عدوهم وعدو أمتهم!
إن أرض فلسطين ملك لكل الأمة ووجوب تحريرها يقع على كل الأمة وهو أوجب ما يكون على مصر وجيشها، وإن الحل الوحيد والآني والواجب لقضية فلسطين ليس إرسال المساعدات ولا إنشاء المشافي الميدانية، رغم أهمية هذا كله، إلا أن الواجب والحل الوحيد هو تحريك الجيوش لنصرة أهلنا في الأرض المباركة واقتلاع الكيان المسخ من جذوره، بعيدا عن حلول الغرب وجمعياته ومؤسساته الاستعمارية، وعلى تلك الجيوش أن تقتلع كل ما من شأنه أن يمنعها أو يحول بينها وبين تحرير كامل فلسطين، وأول الحوائل هي أنظمة الضرار هذه وعلى رأسها النظام المصري، وصدق القائل إن تحرير فلسطين يبدأ بتحرير القاهرة، نسأل الله أن يحرر القاهرة وجيشها ليتحرك محررا أرض الإسلام وناصرا أهلها في كل مكان. قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾.
كتبه سعيد فضل
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في مصر