مقالات فكري

متى تبحر سفينة النجاة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حتى نفهم باستنارة أي حدث لا بد أن نعرف كيف بدأ، وللأسف تتراكم الأحداث هذه الأيام وتتعاظم المآسي وتتتالى المجازر وتتعدد الخيانات؛ وفي الوقت نفسه فإن أقصى ما نراه من ردود أفعال أيا كانت منطلقاتها، إسلامية أو قومية أو إنسانية، لا تتخطى في مجملها السطحية أو العمق ولكنها لا تصل إلى مستوى الاستنارة.

أن تكون “جزيرة” مصطنعة في بحر الأمة الإسلامية المترامي الأطراف من إندونيسيا إلى المغرب، تتعرض إلى إبادة جماعية وحصار وتجويع ينقل مباشرة على مدار الساعة وتشاهده الأمة الإسلامية! فهذا الوضع لا يمكن تفسيره بخنوع ولا فقدان البوصلة ولا خيانات ولا عمالة حكام ولا قوة عدو ولا تقدم تكنولوجي للأعداء… وإنما التفسير الوحيد هو فقدان السفينة التي أبحر بها المسلمون لينقذوا البشرية من الغرق في لجج الظلمات.

تلك السفينة التي لم يكن لها أن تستوي على الجودي قبل أن تنقذ كل البشر، تفطّن الغرب الكافر المستعمر إلى خطرها على استعمارهم ونهبهم واستعبادهم للبشر، فسعوا إلى إغراقها بكل الوسائل، فأحدثوا فيها ثقوبا كثيرة عطلت وأبطأت إبحارها لفترة، ولم يكتفوا بذلك بل أصروا على إغراقها، ولم يكتفوا أيضا بغرقها بل قطعوا جسمها المغرق حتى لا يطمع أحد في ترميمه.

تلك السفينة هي الخلافة الجامعة للأمة وهي التي هدمها الغرب منذ 100 عام ميلادي وبالتحديد في الثالث من آذار/مارس 1924م. فهل سيلام الغرقى أو المتشبثون ببعض الألواح يحاولون إنقاذ أنفسهم من الغرق في بحر الظلمات الرأسمالية الاستعمارية، ومن اطمأن منهم على نفسه من الغرق فهمّه لقمة عيش يسد بها جوعته، هل سيلام هؤلاء على ترك تلك “الجزيرة” (غزة – فلسطين) دون نجدة؟! وحتى إن حاولوا فسفن حراسة المجال البحري الذي يرتع فيه الغرب لهم بالمرصاد.

ظن الغرب أن السفينة بعد إغراقها وتقطيع أوصالها سيحول دون ترميمها، ولكنه نسي أن المخطط الهندسي لبناء سفينة جديدة من الألف إلى الياء موجود في عقيدة الأمة وقرآنها الذي تعهد الله بحفظه وسنة نبيه ﷺ.

وها هو حزب التحرير استطاع إعادة تصميم كل الرسوم الهندسية للسفينة التي ستبحر قريبا لتواصل مسيرتها لإنقاذ الأمة أولا ثم البشرية جمعاء… المخططات الهندسية والخشب وكل المستلزمات متوفرة لبناء السفينة ولم يبق إلا المسامير! والمسامير قد احتكرها الغرب ودق كل المتوفر منها في بلادنا في الكراسي المعوجة للحكام العملاء لتثبيتهم عليها، ومن كثرة الكراسي فالمسامير بإذن الله ستكفي لبناء سفينة نجاة الأمة.

أيتها الجيوش: ليست مهمتكم تثبيت كراسي أعداء الأمة، فلن ينالكم منها إلا الذل والهوان في عيون الأمة وسوء العاقبة في الآخرة؛ بل مهمتكم هي إلى جانب الأمة وعقيدتها فستنالون منها رضا ربكم وخيري الدنيا والآخرة.

أما إن قال المخلصون في الجيوش، كيف؟ فالجواب هو إعطاء النصرة لحزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فحزب التحرير جاهز بكل ما تحتاجه سفينة نجاة الأمة والبشرية إن توفرت “المسامير”.

 

﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾

كتبه جمال علي