بسم الله الرحمن الرحيم
أظهرت الجريدة الرسمية أن مصر رفعت الخميس أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود، قبل أربعة أيام من إجراء صندوق النقد الدولي مراجعة لبرنامج قروض موسع للبلاد بقيمة ثمانية مليارات دولار. ووفقا لما نقلته الجريدة الرسمية عن وزارة البترول فقد جرت زيادة أسعار البنزين بنسبة تصل إلى 15%، ليصبح سعر لتر بنزين 80 هو 12.25 جنيه (0.25 دولار)، وسعر بنزين 92 هو 13.75 جنيه، وبنزين 95 هو 15 جنيها. أما السولار، وهو أحد أكثر أنواع الوقود استخداما، فشهد زيادة أكبر إذ تقرر رفعه إلى 11.50 جنيه (0.24 دولار) من عشرة جنيهات. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يوم الأربعاء إن أسعار المنتجات البترولية سترتفع تدريجيا حتى كانون الأول/ديسمبر 2025 (العربية، 2024/7/25)
زيادة أسعار الوقود تؤثر سلبا على مصر وأهلها وتضيق على الناس معيشتهم وأرزاقهم وتضع عليهم مزيدا من الضغوط؛ فمع ارتفاع سعر الوقود سترتفع تكلفة النقل ووقود تشغيل آلات المصانع، وبالتالي ترتفع أسعار كافة السلع والخدمات، وهذه الزيادة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة كما صرح رئيس الوزراء بل هي مرحلة من مراحل ضغط النظام على أهل مصر لاستنزاف ما تبقى لهم من جهود بعد تفريطه في ثروات البلاد، وحيث لم يعد لدى الناس مدخرات تذكر أمام أسعار لا تبقي ولا تذر ودخول لا تسمن ولا تغني من جوع، فدخول الناس حقيقة لا تتناسب مع ما تملكه مصر من ثروة حقيقية ولا مع ما ينفقه النظام على ما يدعيه من إنجازات ولا ما يفرضه عليهم من سياسات وقرارات كارثية، فيكفي أن نقر حقيقة أن كثيراً من أهل مصر لم تعد رواتبهم تصل لـ100 دولار في الشهر الكامل، بينما يريد النظام أن يحصّل منهم ثمن الخدمات التي لا تصلهم أصلا على أساس الدولار وسعره خضوعاً لقرارات سادته مانحي القروض في الصندوق الدولي.
إن مصر ليست فقيرة كما يدعي النظام ولا تحتاج لقروض المؤسسات الاستعمارية وما تجره من سياسات ترهن البلاد وتستعبد أهلها وتمكن الغرب منها؛ فمصر فيها من الخيرات ما يؤهلها لأن تكون دولة عظمى إن لم تكن الأولى، فقط إذا انعتقت من التبعية وخلعت عنها ثوب الارتهان للغرب وقراراته.
إن ما تملكه مصر من نفط يكفي لكي يعطى للناس جميعا بلا ثمن، بل ولأن يعطى للناس مالاً معه أيضا، فمصر التي قدرت ثمن النفط بـ85 دولاراً للبرميل تنتج يوميا 580 ألف برميل قابلة للزيادة (الطاقة)، فأين يذهب هذا النفط؟ ولماذا تفرط فيه الدولة لصالح الشركات الرأسمالية الغربية بمنح حق امتياز التنقيب والاستخراج والتكرير، ما يمنح تلك الشركات نصيب الأسد من ثروات مصر ولا يبقي لأهلها إلا الفتات؟! بينما تستطيع الدولة أن تستغل طاقة شبابها التي يدعي النظام أنها تلتهم التنمية التي يقوم بها، فيستطيع النظام استغلال هذه الطاقات المعطلة في أعمال إنتاج النفط وتكريره وتوفير ما تنهبه شركات الغرب، إلا أن هذا ما لا يستطيعه النظام الذي يملك الغرب قراره وولاءه، والذي لا يعمل لرعاية مصالح مصر وأهلها وإنما يعمل لرعاية مصالح سادته في البيت الأبيض ومؤسسات الغرب الاستعمارية.
إن الرأسمالية تطبق في بلادنا بأبشع صورها لتصوغ من القوانين ما يمكّن الغرب من نهب ثرواتنا واستعباد الشعوب لأطول فترة ممكنة، ولهذا فإن مصر لن تخرج مما هي فيه إلا باقتلاع الرأسمالية التي يحكم بها النظام والتي تمكن الغرب وشركاته من ثروات البلاد وتجعل هذا النهب مقننا وتوجب على الدولة حمايته من الناس وتمنعهم من مجرد الاعتراض عليه أو مراجعة عقوده.
إن مصر وأهلها في حاجة إلى نظام بديل ومغاير يوافق فطرتهم وينسجم مع بيئتهم، نظام أوجب الله عليهم تطبيقه والعيش في ظله؛ نظام الإسلام وأحكامه وتطبيقها في دولة الإسلام؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، والتي بتطبيقها يكون العدل وأداء الحقوق، ما يحرم على الدولة التفريط في منابع ثروات البلاد ويوجب عليها أن تنتج الثروة منها وتعيد توزيعها على الناس بما يضمن انتفاعهم بها ضمن أحكام شرعية تلزم الدولة وتوجب عليها أداء حقوق الناس مسلمين وغير مسلمين، فبلادنا في حاجة إلى الإسلام ونظامه ودولته حتى تخرج مما هي فيه من أزمات.
ولهذا فإن واجب مصر وأهلها شعبا وجيشا هو العمل لاجتثاث الرأسمالية التي تحكمهم والحكم بالإسلام ونظامه وعدله في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فواجب الشعب هو احتضان الدعوة لإقامة الخلافة وحملتها والسير معهم في طريقهم حتى يتم الله أمره. وواجب المخلصين في جيش الكنانة هو نصرة هذه الدعوة وتمكين حملتها من وضع الإسلام موضع التطبيق من جديد في دولة الخلافة التي ستملأ الأرض عدلا، والتي بها ينجو أهل مصر والأمة من إثم غياب أحكام الإسلام، والتحاكم لقوانين الغرب وأنظمته الرأسمالية، وبها وفي ظلها قطعا ستحل جميع أزمات الناس وتعالج مشكلاتهم.
فاللهم أظلنا بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة من جديد واجعل مصر وجيشها أنصارها.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
كتبه سعيد فضل
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر