مقالات سياسي

تفقد الحدود يجب أن يكون بغاية تحريك الجيوش لتحرير الأرض المباركة ونصرة أهلها لا لتأمين من يغتصبها ويقتل أهلها!

بسم الله الرحمن الرحيم

قالت اليوم السابع الخميس 2024/9/5م، إن الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة، تفقد إجراءات التأمين على الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي، في جولة بدأت بالمرور على القوات المكلفة بتأمين معبر رفح البري، وأكد خليفة أن المهمة الرئيسية للقوات المسلحة هي الحفاظ على حدود الدولة على كافة الاتجاهات الاستراتيجية وأن رجال القوات المسلحة قادرون على الدفاع عن حدود الوطن جيلا بعد جيل.

مع تصريحات نتنياهو الأخيرة التي اتهم فيها النظام المصري بالتقصير في مهمته والفشل في حماية وتأمين الكيان الغاصب سارع النظام المصري في توجيه رئيس أركان جيشه لتفقد النقاط الحدودية والتأكد من سلامة خططه الاستراتيجية لتأمين حدود الكيان؛ فتأمينها هي مهمة الجيش المصري بعد اتفاقية العار كامب ديفيد التي مكنت الكيان من التطبيع المعلن مع باقي الأنظمة، بمعزل عن فلسطين وقضيتها، ففلسطين لم تشغلهم يوما بل هم سبب في تمكين الكيان من اغتصابها وبقائه فيها.

إن العلاقة بين مصر وفلسطين لا يجوز أن تختزل في حدود وضعها الكافر المستعمر، ففلسطين ومصر بلد واحد وجزء من أمة ودولة واحدة هي أمة الإسلام ودولته التي يجب أن تعود يوما، أما الحدود التي ذهب رئيس الأركان لتفقدها فوجودها مخالف للإسلام، وتكرس لعصبية نهانا عنها رسول الله ﷺ بقوله: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ»، كما أنها تكرس ما يحاول الغرب ترسيخه في عقول المسلمين بأن قضية فلسطين هي قضية دولة جارة لا شأن لمصر بها، بينما الحقيقة أن قضية فلسطين هي قضية كل أمة الإسلام ويسأل عنها كل مسلم، ففلسطين أرض خراجية ملك لكل الأمة وتحريرها واجب على كل الأمة، وهو أوجب ما يكون على دول الطوق وعلى رأسها مصر وجيشها الذي يتفقد رئيس أركانه خطط تأمين الكيان الغاصب وهدم ما تبقى من أنفاق إن بقي منها شيء، وكأنه يقول ليهود بعد سلسلة فضائحهم للنظام المصري اطمئنوا فسنفعل ما بوسعنا حتى لا نُتهم بالفشل والتقصير مستقبلا، وسنحمي ونؤمن حدود سايكس بيكو حتى تكونوا في مأمن من غضب أهل مصر بسبب إجرامكم في حق أهل غزة، فأنهوا مهمتكم واقتلوا واغتصبوا وانتهكوا ما شئتم فأنتم في مأمن طالما بقينا في حكم مصر!

إننا لا نتعجب من نظام العمالة الذي يسخر مصر وجيشها لحراسة وحماية كيان يهود وحصار أهلنا في غزة، ولو تطلب الأمر قتلهم فسيفعل، وقد فعل سابقا، فلا غرابة في مواقفه، فقد استمرأ الخيانة والانبطاح واستساغ حياة الذل والتبعية للغرب.

إننا نتعجب من صمت المخلصين في جيش الكنانة الذين يشهدون لله بالوحدانية ويركعون له ويسجدون ويصومون ويحجون ويتصدقون! ألا يعرفون أن الحدود التي تفقدها رئيس أركانهم يقبع خلفها وعلى مرمى حجر ثالث الحرمين الشريفين وأولى القبلتين ومسرى النبي ﷺ، وأن اليهود يعيثون فيها فسادا وتدنيسا؟! ألا يغارون على حرمات الإسلام ومقدساته؟!

يا أجناد الكنانة: إن أرض الإسلام كلها بلد واحد يستوي في ذلك أهل القاهرة مع أهل غزة وأهل كشمير وبخارى ودمشق، كلهم أمة واحدة من دون الناس لا يجوز خذلانهم ولا القعود عن نصرتهم وتحرير أرضهم لقوله ﷺ: «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِماً فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِماً فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ»، وهؤلاء المسلمون هم مسؤوليتكم بعد أن تغلب العدو عليهم واغتصب أرضهم.

يا أجناد الكنانة: لا شيء أوجب عليكم الآن من اقتلاع كيان يهود وكل ما من شأنه أن يحول بينكم وبين هذا الواجب من أنظمة العار والخيانة التي تعقد معه الاتفاقيات وتدعمه بكل سبل الدعم، وصدق من قال إن تحرير فلسطين يبدأ بتحرير القاهرة من هذا النظام الذي يمعن في خذلان الأمة وقضاياها، وتنفيذ مخططات الغرب ورغباته. ولتعلموا أن هذا الكيان اللقيط لا يجوز أن يكون بيننا وبينه أية معاملات ولا تعاملات ولا معاهدات ولا اتفاقيات فهو دولة محاربة فعلا ولا يجوز أن يكون بيننا وبينه إلا حالة الحرب حتى يقتلع من جذوره وتطهر منه كل أرضنا المباركة. يقول ابن عابدين في حاشيته (3/238): “وفرض عين إن هجم العدو على ثغر من ثغور الإسلام فيصير فرض عين على من قرب منه، فأما من وراءهم ببعد من العدو فهو فرض كفاية إذا لم يحتج إليهم، فإن احتيج إليهم بأن عجز من كان بقرب العدو عن المقاومة مع العدو أو لم يعجزوا عنها ولكنهم تكاسلوا ولم يجاهدوا فإنه يفترض على من يليهم فرض عين كالصلاة والصوم لا يسعهم تركه، وثم وثم إلى أن يفترض على جميع أهل الإسلام شرقاً وغرباً على هذا التدريج”، وجاء في المغني لابن قدامة: “ويتعين الجهاد إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم”. (المغني 8/345) ويقول ابن تيمية: “إذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب، إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة، وأنه يجب النفير إليها بلا إذن والد ولا غريم، ونصوص أحمد صريحة بهذا” (الفتاوى الكبرى 4/608).

فماذا أنتم فاعلون يا أجناد الكنانة مع هذا الواجب ومع من يمنعكم منه ويريد أن يوردكم جهنم؟ إن خيريتكم تقتضي أن تكون نصرا للأمة، حرصا على حرماتها، مسارعة في رضا الله عز وجل وطاعته، فطاعته أولى من طاعة حكام السوء بل واجبكم اقتلاع حكام الضرار هؤلاء وقطع دابرهم ودابر الغرب الذي يحركهم وإنهاء كل صور التبعية للغرب في بلادنا، وإعلانها دولة تطبق الإسلام الذي يرضي ربكم عنكم كاملا غير منقوص في دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ الدولة التي تجيشكم وتدفعكم دفعا نحو جنة عرضها السماوات والأرض وعز الدنيا وكرامة الآخرة بتحرير بلاد الإسلام كلها وليس فلسطين فقط، ونصرة كل المستضعفين في الأرض، فسارعوا لها يا أجناد الكنانة ففيها حياتكم وهي التي تجعل الخيرية فيكم حقا وبها تستحقونها وأنتم لها وأهلها.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾

كتبه سعيد فضل
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في مصر