خبر وتعليق اجتماعي

قانون التحرش الجنسي قانون لحماية التبرج الجنسي

خبر وتعليق

الخبر:

كتبت جريدة المصري اليوم، وجرائد مصرية أخرى يوم الأربعاء 2014/05/07م تحت عنوان “الحكومة تشدد عقوبة التحرش الجنسي بمشروع القانون: الحبس سنة وغرامة 10 آلاف جنيه”:

“وافق مجلس الوزراء، الأربعاء، على مشروع قرار رئيس الجمهورية بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، وذلك بتشديد العقوبات على كل من تعرض للغير مع المساواة بين الرجل والمرأة في مجال كون أحدهما قد وقع ضحية لأي من أشكال التعرض أو التحرش الجنسي”.

التعليق:

أصدرت الحكومة المصرية قانونا جديدا لتشديد العقوبة على التحرش الجنسي، ولكن الحقيقة أن قانوناً بهذه الكيفية لا يعالج المشكلة القائمة فعلاً، والمنتشرة، بل هو قانون يحمي “التبرج الجنسي” في الفتيات ويساعد على رواجه وانتشاره بينهن ما لم يكن هناك عقوبةٌ أيضاً لهذا التبرج!

فالذي يسير في مصر وفي بلاد المسلمين يرى هذا التناقض الصارخ بين الحرص على غطاء الرأس، والذي يبدو أنه أرخص من الذهاب إلى محلات تصفيف الشعر والمعروفة في مصر بـ “الكوافير” في ظل هذه الحالة الاقتصادية المتدنية، ويرى هذا اللباس والثياب التي تجسم وتجسد وتصف عورات الفتيات بشكل صارخ إضافةً إلى الميوعة المتعمدة في الحركات، وكذلك النمط الغربي في الصداقة بين الفتيات والفتيان من حركات وسلام ومصافحة ومزاح، يدرك أن حل المشكلة ليس في تجريم التحرش الجنسي فقط بل في تجريم التبرج الجنسي أيضاً!

إن ستر المرأة لعورتها أمام الرجال الأجانب عنها هو فرض عليها، وعدم غض البصر من الرجال الأجانب عنها هو أيضاً حرام عليهم، سواءً في الشارع كحياة عامة أو في البيوت كحياة خاصة. ولما كان الشارع هو مسئولية الدولة فكان واجباً على الدولة أن تراعي تطبيق أحكام الله في ستر العورات من الرجال والنساء.

بيد أن التبرج لا يعني كشف العورات فقط، بل من الممكن، كما هو الحال، أن تُغطى العورات، ويكون التبرج أكثر إثارةً من كشف العورة. والتبرج منهيٌّ عنه للمرأة حتى ولو كانت ساترة للعورة، فالمطلوب ستر العورة، وهو حجبها تماماً وليس تغطيتها فقط، والستر أوسع من التغطية، فالتغطية تصف وتشف والستر يحجب، والمطلوب أيضاً عدم التبرج ومنع ظهوره في الشوارع والطرقات، وكل ذلك مسئولية الدولة.

أما العوامل الأخرى المؤدية لهذه الظاهرة فهي عوامل سياسية في المقام الأول، فلا يخفى على أحدٍ ما يُدبَّر ويُراد للمسلمين من هذه الأنظمة العميلة الموالية للغرب من ترك ٍلأحكام الإسلام والنفور منها، وهذا ما تقوم عليه مناهج الثقافة والإعلام ليل نهار لإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا وتهوين الردة عليهم من خلال أفلام ومسلسلات الإسفاف. ولعل الجميع يذكر كيف أن أول حالات التحرش الجماعي وقعت في وسط القاهرة حينما قامت إحدى الراقصات المشهورات مع راقص خليع مثلها بالرقص في الشارع بوسط القاهرة دعاية لفيلمهما وفي وسط الجمهور الذي معظمه كان من الشباب والشابات، أما هي فقد كانت تتمتع بحماية خاصة من الـ “بوديجردات”، وأما الفتيات المتفرجات والسائرات في الشوارع، وبعد هذه الجرعة الجنسية فقد طالهن من رذاذ هذا الأذى ما طالهن، حيث قام جمهور الشباب المتفرج بالهجوم ومطاردة الفتيات في الشوارع وبخاصةً المتبرجات منهن سواءً كن بغطاء رأس أو لم يكن!

وكذلك يعد من العوامل السياسية، الحالة الاقتصادية المتدنية التي أفقرت الكثير من الناس والشباب فأصبح الزواج مشكلة تؤرق الفتيات قبل الفتيان، فأصبحن يعرضن أجسادهن بين الرغبة والتمنع جذباً لابن الحلال. ومن العوامل السياسية أيضاً الحالة التعليمية ومنهاجها ومدارسها التي تخرج أشباه متعلمين ويكفي فقط أن ينظر المرء لمجموعة من طلبة المدارس والمعاهد حكومية كانت أو خاصة حتى يدرك مدى البلطجة التي يعيشها هؤلاء.

فالمنظومة فاسدة، وعوامل التحرش الجنسي هي سياسية في المقام الأول وتحتاج إلى نظام كامل متكامل من جميع النواحي الاقتصادية والتعليمية والقضائية، وحل هذه المشكلة – بل وغيرها -، بتشريع الدولة للقوانين، ولكن دون أن تكون هذه القوانين قائمة على تطبيق أحكام الله وأنظمة الإسلام السياسية، اقتصادية كانت أو تعليمية أم اجتماعية أم قضائية، فإنه لا يكون حل!!

والدولة التي تقوم بذلك حتماً لا بد أن تكون دولة إسلامية تحكم بنظام الخلافة، وليس دولة جمهورية علمانية تحكم بنظام ديمقراطي يجعل الحرية الشخصية أحد مقدساته المسماة الحريات العامة، حرية الرأي والحرية الشخصية وحرية العقيدة وحرية الملكية، والتي ثبت فشلها الذريع واستحالة وجودها على إطلاقها وإلا كانت الفوضى عارمة، فكان لا بد من صرامة القانون وقوة الدولة في هذه الدول التي تتعدى التقديس لهذه الحريات وتقيده مما أفرغ هذه الحريات من مضمونها المزعوم، وأصبح النظام والتقيد بالنظام هو السمة الغالبة على هذه الدول المدعية!

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾