خبر وتعليق
الخبر:
ذكرت سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر في برنامج فقه المرأة على قناة الحياة 2 في إجابتها عن ملك اليمين أنه كان منتشرا قبل الإسلام وكان يسمى (بيع الأحرار) وعندما جاء الإسلام نظمه بأن لا يكون إلا عن طريق الحرب المشروعة بين المسلمين وأعدائهم، فتقول: يعني لو أننا حاربنا إسرائيل، وإسرائيل هذه مغتصبة للأرض بل ومعتدية على البشر وعلى العقيدة، ثم تضيف: “وطبعا نحن نتكلم عن مستحيل، يعني مستحيل أن يأتي اليوم الذي نحارب فيه إسرائيل – ولو أن سورة الإسراء بشرت بذلك -وليس مستحيلا على الله سبحانه وتعالى”، فأسرى الحرب من النساء هم ملك اليمين وحتى يتم إذلالهن يصبحن ملكا للقائد أو الجيش أو المسلم يستمتع بهن كما يستمتع بزوجاته.
التعليق:
سأقف في تعليقي هذا ثلاث وقفات:
أولاها: ملك اليمين هم السبي من النساء والأطفال الذين يصحَبون الجيش في الحرب لتكثير السواد وللتحميس، وهؤلاء ترك الإسلام للخليفة الخيار بين استرقاقهم أو إطلاقهم حسب ما تقتضيه السياسة الحربية في معاملة الأعداء، ولا فداء فيهم كالأسرى الذين هم من الرجال المحاربين فقط، فالرسول صلى الله عليه وسلم استرقّ سبي غزوة حنين وقسمهم على المحاربين المسلمين وهؤلاء أعادوا السبي إلى أهليهم مستوهِبين ما لهم من حق في السبي عن طيب نفس، وأما سبي خيبر فقد أطلقهم ولم يسترقَّهم.
إن الإسلام عالج الاسترقاق فمنع جميع الحالات التي يحصل فيها الاسترقاق، وترك للخليفة الخيار في حالة السبي تبعاً للموقف بالنسبة للعدو.
وثانيها: ذكر في المعجم الوسيط أن المستحيل هو ما لا يمكن وقوعه، فكيف يستحيل أن يأتي اليوم الذي نحارب فيه (إسرائيل) وقد ورد في سورة الإسراء قوله تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا * عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾.
يقول سيد قطب: [في ذلك الكتاب الذي آتاه الله لموسى ليكون هدى لبني إسرائيل، أخبرهم بما قضاه عليهم من تدميرهم بسبب إفسادهم في الأرض. وتكرار هذا التدمير مرتين لتكرر أسبابه من أفعالهم. وأنذرهم بمثله كلما عادوا إلى الإفساد في الأرض، تصديقاً لسنة الله الجارية التي لا تتخلف.
ولقد صدقت النبوءة ووقع الوعد، فسلط على بني إسرائيل من قهرهم أول مرة، ثم سلط عليهم من شردهم في الأرض، ودمر مملكتهم فيها تدميرا، ويعقب السياق على النبوءة الصادقة والوعد المفعول، بأن هذا الدمار قد يكون طريقاً للرحمة: ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ﴾ إن أفدتم منه عبرة. فأما إذا عدتم إلى الإفساد في الأرض فالجزاء حاضر والسنة ماضية: ﴿وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا﴾ ولقد عادوا إلى الإفساد فسلط الله عليهم المسلمين فأخرجوهم من الجزيرة كلها. ثم عادوا إلى الإفساد فسلط عليهم عباداً آخرين، ولقد عادوا اليوم إلى الإفساد فاعتدوا على الإسلام وعقيدته وأذاقوا المسلمين الويلات واغتصبوا أرضهم. وليسلطن الله عليهم من يسومهم سوء العذاب، تصديقاً لوعد الله القاطع ﴿وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾ وإن غدا لناظره لقريب].
ووردت بشرى الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لَتُقَاتِلُنَّ اليهودَ فَلَتَقْتُلُنَّهُمْ حتى يقولَ الحجرُ يا مسلمُ! هذا يهوديٌّ فتعال فاقتلْه» وفي روايةٍ بهذا الإسنادِ وقال في حديثِه: «هذا يهوديٌّ ورائي».
وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقومُ الساعةُ حتى يقاتلَ المسلمون اليهودَ فيقتلُهم المسلمونَ حتى يختبئَ اليهودُ من وراءِ الحجرِ والشجرِ فيقولُ الحجرُ أو الشجرُ يا مسلمُ! يا عبدَ اللهِ! هذا يهوديٌّ خلفي فتعالَ فاقتلْه إلا الغرْقَدُ فإنه من شجرِ اليهودِ»، فهل بعد كل هذا يمكن لمدعي الفقه أن يدعي استحالة أن يأتي اليوم الذي يقاتل فيه المسلمون (إسرائيل)؟!
والإسلام يعتبر قيام دولة يهود باطلاً شرعا والصلح معها حراماً وجريمة ويجب الاستمرار في بقاء حالة الحرب الفعلية معها قائمة حتى وإن كانت هناك هدنة عقدها معها حكامنا غير الشرعيين، والمسلمون جميعا مطالبون بمحاربتها وبنفير جيوشهم لقتالها إلى أن يتحقق القضاء على هذه الدولة المغتصبة واستنقاذ بلاد المسلمين منها، يقول تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: 194] وقال: ﴿وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾ [البقرة: 191].
أما ثالثها: لقد كثر في الآونة الأخيرة وخاصة بعد الثورة المصرية صدور فتاوى وتصريحات ممن يحسبون عند العامة علماء بالعلم الشرعي يتربعون على كراسي الأزهر الشريف متباهين بالإسلام الوسطي وبتأييدهم للسيسي وأفعاله ووصفهم له ولوزير داخلية حكومته بأنهما جنود رب العالمين لإنقاذ المصريين من المسلمين الإرهابيين مطالبينه بتطبيق حد الحرابة ضدهم، هؤلاء ليس فقط تعلموا القرآن ولم يعملوا به وإنما باعوا دينهم آملين أن ينالوا رضا السيسي وسيدته أمريكا.
فبدل أن يكسروا حاجز الصمت والعجز ويقفوا في وجه وزارة التربية والتعليم وعلمنتها للمناهج التعليمية التي تهدف من ورائها إنتاج جيل لا يعرف معنى الإسلام ولا يرتبط بعقيدته، رأيناهم اختاروا جانب الفجور وأولوا في الأحكام الشرعية وقلبوا الحق باطلا والباطل حقا (ساء ما يحكمون).
لقد كان الأولى بعلماء الأزهر الشريف أن يتوجهوا بالدعوة إلى الجيوش في مصر وفي باقي بلاد المسلمين لترك العمل بحماية أمن يهود، والتوجه للعمل لإزالة الأنظمة الحالية واستبدال نظام الخلافة بها، ثم الزحف لتحقيق وعد الله في قتال يهود وتخليص المسلمين منهم ومن شرورهم.
﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾