مقالات فكري

الصراع بين حضارة الإسلام وحضارة الغرب هو صراع وجود ينتهي بإيجاد دار الإسلام وهدم دار الكفر يا فضيلة المفتي

خلال لقائه ببرنامج «من ماسبيرو»، المذاع عبر الفضائية المصرية الأولى، مساء الخميس 2017/8/3م، قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن الدعوة الإسلامية ومواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا التي أصبحت تجتاح العالم تحتاج لعقول مدركة لكيفية توصيل رسالة الإسلام السمحة على الوجه الصحيح ومراعاة خصوصية هذه المجتمعات، مضيفا أن المسلمين الأوائل أدركوا هذه المسألة، فكان النسق الإسلامي مستوعبًا لكل الحضارات الأخرى، موضحًا أن من يقرأ مسيرة المسلمين الأوائل يجد أن الإسلام وصل إلى الآخرين عن طريق التفاعل والتواصل، وليس عن طريق الصراع والصدام مع تلك الحضارات، وأوضح أنه رغم تعقد البيئة قديمًا وصعوبة التواصل، فإن المسلمين كانوا حريصين على الانفتاح على العالم بأسره، ولم يكن القصد أبدًا الصدام ولكن إيصال رسالة الإسلام بأسلوب ينبئ عن حقيقة الإسلام وأنه جاء لصالح البشرية جمعاء، وأكد مفتي الجمهورية أن التواصل الآن مع الدول والحضارات الأخرى أصبح فريضة دعوية، وأشار إلى وجود تطور جديد نتيجة التواصل مع العالم، فلم تعد فكرة تقسيم العالم إلى دار إيمان ودار كفر فكرةً صالحة لزماننا؛ لأنه بالنظر الفقهي القديم نلحظ فيها نوعًا من الارتياب ضد العالم الإسلامي ولم يكن الإسلام قد انتشر بشكل كبير، ولكن الآن نلحظ وجود المسلمين في كل دول العالم.

مزيد من التدليس يمارسه مفتي مصر وثلة علماء السلطان فيها، في إطار الثورة الدينية التي يرفع رايتها ويدعو لها الرئيس المصري، فظاهرة الإسلاموفوبيا صنعها الغرب لتخويف شعوبه وتبرير قتاله وقتله للمسلمين الثائرين الساعين للانعتاق من تبعيته، وحضارة الإسلام لا تلتقي أبدا مع أي حضارة أخرى وخاصة حضارة الغرب النفعية النتنة، بل تصطدم معها فلا يلتقي نقيضان أبدا؛ فالحضارة هي وجهة النظر في الحياة التي تسير أعماله فيها وعلى أساسها، أي هي العقيدة فهل تلتقي عقيدتنا الإسلامية مع عقيدة من يعبد البقر أو البشر أو الحجر؟!

فرق كبير بين الدعوة للإسلام وإيصاله للناس وبين التقاء الحضارات الذي يحدثنا عنه فضيلة المفتي، فحتى إيصال الإسلام له طريقة وهي الدعوة والجهاد؛ بمعنى أنها دعوة بيان للحق الذي نحمله، فإن منعنا مانع من إيصال دعوتنا للناس نزيله بالجهاد حتى نبلّغ رسالة الله للعالمين، وعندها من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر حيث لا إكراه في الدين، بينما التقاء الحضارات واستيعابها الذي تروج له فهو قبول حضارة الغرب بما فيها والتجانس معها، أي التخلي عن الدعوة وعن الإسلام وخاصة الجانب السياسي العملي فيه الذي يحدد شكل الدولة التي نعيش فيها ونظام حكمها واقتصادها وسياساتها سواء الخارجية أو الداخلية أو سياسة التعليم.

يا فضيلة المفتي! إن الصراع بين الحضارات هو أمر حتمي لا ينتهي إلا ببقاء حضارة واحدة مهيمنة تفرض على الناس وجهة نظرها في الحياة وتطبق عليهم ما انبثق عنها من نظم في دارٍ تمثّلها وتعبر عنها، وهو التقسيم الذي تدعي عدم صلاحيته لزماننا الذي تحكم فيها حضارة الغرب وتهيمن بوحشيتها ونفعيتها على كل بلادنا بل والعالم كله، تفرض علينا وجهة نظرها وتحكمنا بقوانينها وأنظمتها جبراً عنا بقوة الحديد والنار في دارٍ هي في واقعها الذي أسماه الشرع وبيّنه هي دار كفر تطبق فيها علينا أحكام الكفر من القوانين والأحكام التي وضعها بشر عاجزون ناقصون جعلوا من أنفسهم أندادا لله، فشرعوا للناس أحكاما تنظم علاقاتهم بما يوافق أهواءهم، وهذه الحضارة قد بان عوارها وثبت فشلها ويعلم أربابها أن حضارة الإسلام هي وحدها القادرة على إزالتها من الوجود بالكلية، فهي وحدها الحضارة التي لم تُهزم في الصراع وإنما هزم المسلمون لما تخلوا عنها ولم يحملوها، ولهذا فهم يسعون بكل طاقاتهم وجهدهم حتى لا يحمل المسلمون حضارتهم وحتى لا تعود هي وجهة نظرهم في الحياة، وما نراه الآن هو مراحل أخيرة في فصول الصراع الذي سينتهي قريبا ببزوغ فجر جديد لحضارة الإسلام، وإيجاد دار إسلام تطبق فيها أحكامه ويعيش الناس فيها بأمانه في ظل الخلافة على منهاج النبوة.

يا فضيلة المفتي! إن تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار كفر لا علاقة له بوجود المسلمين ولا عددهم ولا انتشارهم في العالم ولا حتى دعوتهم للإسلام، بل هو وصف لواقع الدار التي يسكنها الناس وما يتعلق بها وما يطبق فيها من أحكام، فدار الإسلام هي التي تطبق فيها أحكام الإسلام وأمانها بأمان الإسلام ولو كان غالب أهلها من غير المسلمين، ودار الكفر هي التي تطبق فيها أحكام الكفر أو أمانها بأمان الكفر ولو كان غالب أهلها من المسلمين كما هو واقع كل بلادنا الآن، وما نراك تحدثت عن هذا التقسيم محاولا نفي صلاحيته لزماننا إلا لعلمك بواقع بلادنا وكونها ليست دار إسلام، وأن الحكم الشرعي الواجب في حقك وحقنا وحق تلك الجيوش الرابضة في ثكناتها أن تغير واقع بلادنا تلك وأن تعيدها كما كانت دار إسلام، أي خلافة على منهاج النبوة.

يا أهل مصر الكنانة! إن الإسلام ليس حكرا على أحد ولا يمثله أحد بل كل الأمة مسئولة عنه وعن تطبيق أحكامه، وخطاب الله لنبيه هو خطاب لكل الأمة وليس للأزهر والمفتي وهيئات كبار علماء السلاطين، وإنما يحتكر هؤلاء الخطاب الآن حتى يفسروا لكم دينكم تفسيرا آخر يرضي سادتهم في البيت الأبيض، يحاولون صناعة إسلام جديد ليس فيه دعوة ولا جهاد، دين لا يرى معتنقوه غضاضة في تقسيم بلادنا وتدنيس يهود لمقدساتنا ولا يعبأ بمن يُقتل من إخواننا في بورما أو مالي أو الشيشان وغيرها، دين يقر بحدود سايكس بيكو ويقدسها قبل أحكام الإسلام، فلا تسمعوا لمن باعوا دينهم ودينكم بدنيا الحكام وارتضوا أن يكونوا أداة في يد الغرب يعمل بها على هدم دينكم.

يا علماء الأزهر ويا رجال الفتوى! إن الإسلام الذي نعلم وتعلمون لا يلتقي بحضارة الغرب ولا يستوعبها، بل هو يصطدم معها ومع ما انبثق عنها، وإننا في حزب التحرير ندعوكم إلى حمل أمانتكم وتعريف الناس بما يجهلون من دينهم وما يجب عليهم من عمل لإيجاد دار إسلام تحكم بأحكام الإسلام ويكون أمانها بأمان الإسلام (خلافة على منهاج النبوة) ندعوكم لأن تحملوا هذه الدعوة لأهل مصر شعبا وجيشا لينصروا دينهم الذي ارتضاه الله لهم ويطبقوه في دار إسلام يراه الناس فيها واقعا عمليا فيدخلوا في دين الله أفواجا.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾