بيان صحفي
تحدثت جريدة اليوم السابع الاثنين 2019/2/4م، عن توقيع شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان وثيقة “الأخوة الإنسانية”، التي تشكل (حسب زعمهم) الوثيقة الأهم في تاريخ العلاقة بين الأزهر الشريف وحاضرة الفاتيكان، كما تعد من أهم الوثائق في تاريخ العلاقة بين الإسلام والنصرانية، وتحمل الوثيقة رؤيتهما لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين أتباع الأديان وللمكانة والدور الذي ينبغي أن تقوم به الأديان في عالمنا المعاصر، كما نقلت نص الوثيقة كاملا والتي يحتاج كل بند من بنودها لرد مفصل لما فيها من مغالطات ومخالفات شرعية فهي في حقيقتها وثيقة لا تمت للإسلام بصلة.
وثيقة أقل ما يقال عنها إنها علمانية، تحمل الكثير من المعاني الفضفاضة ذات التأويل حتى يسهل ترويجها وخداع بسطاء الناس بها رغم ما تحمله من سم زعاف، وثيقة وضعت بلا ريب في أروقة المخابرات الدولية، غايتها إنتاج دين جديد غير إسلامنا الذي نعرفه والذي أنزله الله سبحانه وتعالى لنا على نبيه صلى الله عليه وسلم وارتضاه وارتضيناه، فديننا نعم يأمرنا بالاعتناء بالخليقة، لكن ليس وفق القوانين الدولية التي وضعها الغرب وألزم الناس بها، بل وفق أحكام الإسلام وفي ظل عدله، هكذا فهمه ربعي بن عامر عندما وقف أمام رستم وأجاب عن سؤاله لماذا جئتم؟ فقال الأعرابي البسيط القوي بعقيدته “إنما ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عباده من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام”، فلا عدل إلا بالإسلام وفي ظل شرعه يا شيخ الأزهر، بل إن الظلم المحض لكل البشر هو تطبيق رأسمالية الغرب الكافر الذي يدعمه بابا الفاتيكان عليهم.
ثم تأتي الوثيقة الموقعة من طرفين وتقول: “إننا نحن المؤمنين بالله” فأي إله هذا الذي يستوي إيمانك به مع إيمان بابا الفاتيكان يا شيخ الأزهر؟! بئست الوثيقة وبئس الموقعون والموثقون والشهود عليها، فلا يستوي إيماننا مع إيمان من ينسب لله الولد والصاحبة!
إن السبب الحقيقي لكل أزمات العالم وحروبه يا شيخ الأزهر هو الرأسمالية التي تنافح عنها حتى الرمق الأخير والتي صرت جزءا منها وأداة من أدوات حربها على الإسلام وأهله وحملة دعوته، تلك الرأسمالية التي تنهب ثروات مصر منذ عقود خلت وتقتل وتسجن من أهلها كل من يحاول الانعتاق من ربقة التبعية لأمريكا، تلك الرأسمالية التي تقتل أهل الشام لأنهم رفضوا كل الحلول التي تبقي على نفوذ الغرب ونهبه لثروات بلادهم، تلك الرأسمالية التي قتلت الملايين في العراق من أجل النفط، إنها رأسمالية الدم المتوحشة سبب شقاء البشر والطير والشجر…
إنها الشعارات الإنسانية نفسها التي حملتها فرنسا لأهل الجزائر؛ حقيقتها حقد لا مثيل له على الإسلام وأهله، ولا زالت رؤوس المسلمين المقاومين من أهل الجزائر محنطة في متاحف فرنسا، والأمر نفسه فعلوه في الأزهر، ودماء علماء الأزهر شاهدة عليهم، أهذه هي الإنسانية؟!
أما تلك الحريات الأربع التي تكلمت عنها الوثيقة قائلة إن الحرية حق لكل إنسان اعتقادا وتفكيرا وتعبيرا وممارسة، فهي صلب عقيدة العلمانية ومبدئها الرأسمالي الذي يقدس الحريات الأربع؛ حرية العقيدة والحرية الشخصية وحرية الرأي وحرية التملك، وكلها حريات لا يقرها الإسلام ولا يقبلها جملة وتفصيلا… نعم ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ ولا يُقبل أصلا إسلام المُكرَه على دخوله، إلا أنه لا يجوز لمن يدخل الإسلام أن يخرج منه، وليس عندنا في الإسلام حرية شخصية بل كل أفعال العباد مقيدة بأحكام الشرع وعلى رأسها الحكم والسياسة، ولا حرية رأي فآراؤنا تدور في إطار الشرع ولا تخرج عنه و﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾، ولا نتملك إلا على أساس الشرع والمرؤ محاسب أمام الله على ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه. أما حريات الغرب فلا تعنينا كما لا تعنينا وثيقته ولا عشرات الوثائق التي يأتي بعملائه ليوقعوا عليها، فما وضعه النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام لا يغيره من باعوا دنياهم وآخرتهم بعرض من الدنيا قليل.
يا أهل الكنانة! إن هذه الوثيقة كلها مخالف لصحيح دينكم فالفظوها، واعلموا أن دينكم ليس فيه رجال دين ولا كهنوت ولا موقعون عن الله وإنما عندنا علماء وفقهاء ومحدّثون كلهم بشر يصيبون ويخطئون، فلا قداسة لهم، ولا يعرف الحق بهم، وإنما يعرف الحق بدليله من الكتاب والسنة، وخطاب الله بالتكليف والتطبيق والتبليغ هو خطاب لكل الأمة، لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أحمر… وإنما ينوب عنكم في تطبيق الإسلام عليكم من تعطوه بيعتكم وصفقة يدكم ليكون خليفة عليكم يحكمكم بالإسلام قريبا إن شاء الله في دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في مصر