خبر وتعليق فكري

تطبيق الإسلام في دولة الخلافة هو قضية الأمة التي يجب الالتفاف حولها والخونة من يحاربون عودتها

بسم الله الرحمن الرحيم

الخبر:

نشرت اليوم السابع الثلاثاء 2021/1/5م، قول وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة، إنه في ضوء ما تشهده منطقتنا من تحديات وصراعات ونزاعات وتداعي الخونة والعملاء عليها لإضعافها وإنهاكها أو إفشالها وإسقاط دولها فإنني أؤكد أن الالتفاف خلف الرئيس عبد الفتاح السيسي، الوطني الحكيم وخلف قواتنا المسلحة الباسلة وحول قضايا الوطن واجب الوقت، وأكد جمعة في تصريحات له اليوم: “وأؤكد أن مصر كانت عبر تاريخها الطويل الصخرة التي تحطمت عليها أطماع الغزاة والطامعين من التتار وغيرهم”، واختتم وزير الأوقاف: “غير أن ذلك يستلزم إلى جانب الاعتصام بالله عز وجل العمل ثم العمل والأخذ بالأسباب ثم الأخذ بالأسباب، وتطهير صفوفنا أولا بأول من الخونة والعملاء والمأجورين والضرب على أيديهم بيد من حديد، فالحياد في قضايا الوطن في الأوقات الحاسمة خيانة لا تغتفر”.

التعليق:

لا شك في وجود مؤامرات تحاك لمصر وأهلها بل وللأمة بجموعها وتداعي الخونة والمتآمرين عليها يزداد وهذا ليس بجديد ولا وليد الساعة، لكن من هم الخونة المتآمرون والعملاء المأجورون؟ وهل هم فعلا من يشير إليهم وزير الأوقاف المصري؟ وهل واجب الوقت الالتفاف خلف رئيس مصر وقضايا الوطن كما يدعي الوزير؟ وما هو واجب الوقت فعلا؟ أو بمعنى أدق ما الذي يصلح حال مصر وأهلها وما هي قضيتهم المصيرية التي يجب أن يلتفوا خلفها وتكون محور حياتهم؟

مصر جزء أصيل من أمة الإسلام هذا واقعها الذي يجب أن يكون، أمة واحدة في دولة واحدة يحكمها بالإسلام وشرعه حاكم واحد لا تفصل بينها حدود ولا تقسم إلى دويلات ومزق بعضها قد لا يغطي عورة نملة، وهذا الحاكم كما قلنا يجب أن يحكم بالإسلام ولا شيء غير الإسلام ولا شيء من غير الإسلام ويجب أن تبايعه الأمة بيعة صحيحة عن رضا واختيار، وعلى هذا تضافرت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، يقول تعالى: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ خطاب للأمة بوصفها واحدة لا فرق بين طائفة ولا عرق ولا لون، ويقول ﷺ: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ». رواه مسلم، في إشارة قوية إلى اعتبار تقسيم الأمة جريمة تستوجب قتل فاعلها كائنا من كان وتوجب وحدتها في كيان واحد دولة واحدة، ويقول عز وجل: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ في أمر واضح للأمة أن يحكمها الإسلام ولا شيء غير الإسلام، ولأنه حكم شرعي واجب جعل الله له طريقة شرعية لتنفيذه بينتها السنة. قالَ رَسُول اللَّه ﷺ: «كَانَت بَنُو إسرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبياءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبيٌّ، وَإنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي، وسَيَكُونُ بَعدي خُلَفَاءُ فَيَكثُرُونَ»، قالوا: يَا رسول اللَّه، فَما تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «أَوفُوا بِبَيعَةِ الأَوَّلِ فالأَوَّلِ، ثُمَّ أَعطُوهُم حَقَّهُم، وَاسأَلُوا اللَّه الَّذِي لَكُم، فَإنَّ اللَّه سائِلُهم عمَّا استَرعاهُم» متفقٌ عليه، وفي هذا بيان لنظام الحكم الذي يجب أن يحكم هذه الأمة والذي يجب أن تلتف حوله وتتمسك به حال وجوده ويجب أن تطالب به حال غيابه وتعتبر إقامته هو واجب الوقت وقضيتها المصيرية.

الإسلام تطبقه على الناس دولة وتحمله للعالم دولة ورسول الله ﷺ أقامها، دولة للإسلام وخاطب الملوك كحاكم لهذه الدولة يدعوهم للدخول في الإسلام والخضوع لأحكامه والانضواء تحت سلطانه، وما فعله النبي ﷺ هو ما يجب أن يفعله أي حاكم يتولى حكم هذه الأمة، وولاء المسلم أولا وأخيرا يجب أن يكون لله ورسوله ودينه وشرعه، ويجب أن تكون عقيدة الإسلام هي الزاوية التي ينظر من خلالها إلى جميع الأشياء ومقياسه لكل الأعمال لا فرق في ذلك بين الأعمال السياسية وغيرها، فالأصل في كل أفعال العباد هو التقيد بأحكام الشرع، ولذا فمن يحكم الأمة بغير هذا أو يخالف هذه الطريقة التي حكم النبي ﷺ فهو خائن لله ولرسوله ودينه ولا سمع له ولا طاعة ولا ولاية ولا يجوز الالتفاف حوله ولا الصبر عليه ولو ساعة بل يجب خلعه وهذا ما رواه عبد الله بن مسعود قول رسول الله ﷺ «سَيَلِي أُمُورَكُمْ بَعْدِي رِجَالٌ يُطْفِئُونَ السُّنَّةَ، وَيَعْمَلُونَ بِالْبِدْعَةِ، وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ أَدْرَكْتُهُمْ كَيْفَ أَفْعَلُ؟ قَالَ: «تَسْأَلُنِي يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كَيْفَ تَفْعَلُ؟ لَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ» هذا بخلاف ما رواه التابعي جُنَادَةُ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ رحمه الله: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه وَهُوَ مَرِيضٌ، قُلْنَا: أَصْلَحَكَ الله؛ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ الله بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّ ﷺ فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: «أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنْ الله فِيهِ بُرْهَانٌ».

إن الخيانة الحقيقية هي خيانة الله ورسوله بمخالفة أمره والحكم بغير شرعه وكتابه، بل ووصف العاملين لتطبيق الإسلام بالخيانة ويقع فيهم قول القائل (رمتني بدائها وانسلت!) ويأتينا دعاة سوء يبررون أعظم جرم في حق الأمة وهو غياب دينه عن الحكم والسياسة والتطبيق العملي لأحكامه وهي فتنة عظيمة حذر الله منها ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

أيها المسلمون في أرض الكنانة: إن الخيانة الحقيقية هي الرأسمالية التي تحكم بلادكم وتنهب ثرواتكم وترهن بلادكم ومقدراتها وخيراتها للغرب الكافر وتجعلكم عبيدا فوق أرضكم وتجبركم أن تعطوا خيرها لعدوكم، والخونة من يطبقونها عليكم جبرا بالحديد والنار، هؤلاء هم الخونة ومن لف لفيفهم وأعانهم على ظلمهم وقهرهم للأمة فعن كعب بن عجرة قال: قال رسول الله ﷺ: «أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ»، قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أُمَرَاءٌ سَيَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي، مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِحَدِيثِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسُوا مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُمْ وَلَمْ يَرِدُوا عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِحَدِيثِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ وَأُولَئِكَ يَرِدُونَ عَلَيَّ الْحَوْضَ». رواه أحمد.

يا أهل مصر الكنانة: إن خلاصكم في تطبيق الإسلام كما طبق أول مرة وكما طبق عليكم قرونا نعمتم في ظلها بعدل الإسلام ورحمته، عدلا لم تشهده مصر إلا في ظل الإسلام، فطالبوا بدولتكم التي تطبق دينكم عليكم وتحكمكم بشرعه الذي يضمن لكم الكرامة والحرية ورغد العيش وحرضوا أبناءكم المخلصين في جيش الكنانة على احتضان العاملين لتطبيقه ونصرتهم وتمكينهم من تطبيق الإسلام في دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة عسى الله أن يقيمها بكم فتنجو الأمة بعمومها وتسعد مصر بها، اللهم عجل بها واجعل مصر حاضرتها ودرة تاجها واجعلنا من جنودها وشهودها.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾

كتبه سعيد فضل
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في مصر