بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
نقل موقع النشرة الدولية الأحد 16 شباط/فبراير 2025م، تأكيد الرئيس المصري لرئيس المؤتمر اليهودي العالمي رونالد لاودر الذي يزور القاهرة، أن “إقامة دولة فلسطينية هي الضمانة الوحيدة لسلام دائم في الشرق الاوسط”، وشدد على “أهمية البدء في إعادة إعمار قطاع غزة، مع ضرورة عدم تهجير سكانه من أراضيهم”، مشيرا إلى أن “مصر تعد خطة متكاملة في هذا الشأن”. وتجهد الدول العربية حاليا لإيجاد بديل عن الخطة التي طرحها رئيس أمريكا ترامب وتقضي بسيطرة أمريكا على قطاع غزة تمهيدا لجعله “ريفيرا الشرق الأوسط”.
التعليق:
استمرارا لمسلسل الخداع السياسي الذي يمارس على الأمة لصرفها عن الحل الحقيقي لقضية فلسطين، تأتي فكرة إقامة دولة فلسطينية، المخدر السياسي الذي يُسوّق منذ عقود، بينما يتمدد الاحتلال، ويرسّخ الاستعمار الغربي نفوذه في المنطقة. فهل حقاً يمكن أن يكون حل الدولتين ضمانة للسلام؟ وهل إعادة إعمار غزة تعني تحريرها؟ وهل ترفض الأنظمة العربية التهجير لأنها حريصة على فلسطين أم لأن مصالحها مرتبطة بتوازنات القوى الغربية؟
إن طرح حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد للسلام هو استكمال لمؤامرات الغرب التي بدأت منذ اتفاقية سايكس بيكو، وترسخت عبر قرارات الأمم المتحدة، واتفاقية أوسلو، وخريطة الطريق، وغيرها من المؤامرات السياسية التي لم تؤدِّ إلا إلى تثبيت كيان يهود ومنحه شرعية زائفة.
في عام 1947، قسّمت الأمم المتحدة فلسطين إلى دولتين؛ واحدة لليهود والأخرى للعرب، ومع ذلك، لم يلتزم الاحتلال بالحدود المرسومة واحتل 78% من فلسطين. وفي عام 1967، احتل كيان يهود الضفة الغربية وقطاع غزة، ومنذ ذلك الحين، لم تثمر المفاوضات عن أي استرجاع حقيقي للأراضي المحتلة. وفي 1993، وُقّعت اتفاقية أوسلو التي قنّنت الاحتلال بدلاً من إنهائه، وأعطت السلطة الفلسطينية صلاحيات محدودة دون سيادة حقيقية، بينما توسعت المستوطنات بشكل غير مسبوق. واليوم، ومع استمرار الاحتلال والاعتداءات، لا يزال الطرح نفسه يُسوق على أنه الحل النهائي، في حين إن الواقع يُثبت أنه خدعة سياسية لتصفية القضية الفلسطينية.
إن أي كيان فلسطيني يتم طرحه اليوم سيكون منزوع السلاح، فاقداً للسيادة، خاضعاً للاتفاقيات الأمنية مع كيان يهود، أي مجرد كيان وظيفي يعمل على ضبط الفلسطينيين نيابة عن الاحتلال. والاحتلال لا يلتزم بأي اتفاقية، ولن يقبل بدولة فلسطينية حقيقية. حتى في ظل الحديث عن الدولة الفلسطينية، يستمر بناء المستوطنات والتهويد وهدم منازل الفلسطينيين، فالاحتلال لا يسعى إلى سلام، بل إلى تكريس وتثبيت وجوده.
ثم يتحدث السيسي عن إعادة إعمار غزة، وهو طرح يبدو في ظاهره إنسانياً، لكنه في جوهره يُستخدم كوسيلة لتكريس الاحتلال وتخفيف الاحتقان. فالإعمار في ظل الاحتلال لا يعني التحرير، بل يعني إبقاء الفلسطينيين في حالة دائمة من الضعف والارتهان للمنح والمساعدات الدولية. فمنذ سنوات، يدور الحديث عن إعادة إعمار غزة، ولكن قصف يهود المتكرر يُعمق الدمار، في ظل غياب أي قوة تحمي أهل الأرض المباركة منهم. ولو كانت هناك جدية في حل مشكلة غزة، فلماذا لا تتحرك الجيوش لتحريرها بدلاً من الاكتفاء بإصلاح ما يدمّره الاحتلال؟!
إن الأنظمة العربية ترفض التهجير ليس لأنها حريصة على فلسطين، بل لأنها لا تريد أن تتحمل تبعات هذا المخطط، ولأنها تعرف أن تهجير الفلسطينيين لن يؤدي إلى إنهاء القضية، بل إلى تفجير أزمات جديدة في المنطقة. وسبق أن استضافت ملايين اللاجئين الفلسطينيين ولم يتم منحهم حقوقاً حقيقية، بل بقيت قضيتهم معلقة، ما يُشير إلى أن الموقف الحالي ليس مبدئياً بل براغماتياً يخدم المصالح السياسية للأنظمة وسادتهم في الغرب.
إن فلسطين ليست قضية وطنية أو قومية، بل هي أرض إسلامية احتلها الكفار، وواجب الأمة تحريرها من يهود كما حررها صلاح الدين الأيوبي من الصليبيين. قال تعالى: ﴿وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾، والأمة تملك أكثر من 13 مليون جندي، لكنها لا تتحرك بسبب الأنظمة العميلة التي تحرس الاحتلال بدلاً من قتاله. ولم تُحرر فلسطين سابقا بالمفاوضات ولا بالحلول الدبلوماسية، بل بالجهاد، كما حررها صلاح الدين وكما فتحها الخليفة عمر بن الخطاب، فالجهاد لتحرير فلسطين واجب حتى استعادتها.
إن تصريحات السيسي حول حل الدولتين، وإعادة إعمار غزة ليست سوى إعادة تدوير للأوهام السياسية التي لم تحقق أي تقدم في القضية الفلسطينية منذ عقود. وإن الحل الحقيقي لفلسطين ليس في إقامة دويلة هزيلة تحت الاحتلال، ولا في مشاريع إعادة الإعمار التي تُبقي الاحتلال قائماً، بل هو في تحريرها كاملة واقتلاع هذا الكيان المسخ وهو أسهل من غض الطرف، ولكنه لا يكون إلا بتحرك جيوش الأمة.
يا أجناد الكنانة: إنكم مسؤولون أمام ربكم جل وعلا عن كل ما أزهق من أرواح أو أريق من دماء، والله عليم بما فعلتم وتفعلون وما أصاب إخوانكم على يد يهود بينما تقفون موقف المتفرج، وسيتعلق في رقابكم أهل الأرض المباركة أمام الله، بعد أن خذلتموهم وتركتموهم وحدهم وقد أوجب الله عليكم نصرتهم وتحرير أرضهم وضمان أمنهم، فجهزوا جوابكم فالأمر جد لا هزل، وإنها جنة أو نار، نعيم أو جحيم فاختاروا لأنفسكم، أو سارعوا إلى اقتلاع الكيان الغاصب، وقبله كل ما يمنعكم من ذلك ويشارك في التآمر على أهلنا هناك، بدءا بنظام العمالة الذي يحكمكم، فاقتلاعه واجبكم ونصرة المخلصين العاملين لتطبيق الإسلام واجبكم، فقوموا بما أوجب الله عليكم عسى الله أن يكتب الفتح بكم والنصر على أيديكم فتكونوا من المفلحين.
﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْـمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْـمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾
كتبه محمود الليثي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في مصر